متبعة – رياض حجازي .
بالرغم من كون فترة خلافة علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- والتي استمرت أكثر من خمس سنوات أقل فترات الخلافة الراشدة استقرارًا وأكثرها اضطرابًا، إلا أنها تبقى علامة مميزة في تاريخ الدولة الإسلامية بل أكثر المحطات التي توقف فيها قطار الخلافة أهمية. وقد كان لعلي بن أبي طالب دورا كبيرا في إرساء قواعد هامة جدا ربما يظنها الكثيرون نقاط ضعف في سيرة هذا الخليفة العظيم رضي الله عنه، فقد تولى علي الخلافة في فترة عصيبة جدا بعد أحداث فتنة مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه ليتسلم تركة ضخمة ودولة مفككة، لكنه بحكمة لا يعيها الكثيرون يختار الطريق الأكثر وعورة للتعامل مع هذه الظروف ويرجح كفة الخيار الأصوب على الخيار الأسهل والأقل تكلفة.
وقد بدأت المعارك بعد بضعة أشهر من تولي الخليفة الرابع قيادة الدولة الإسلامية خلفًا لذي النورين رضي الله عنهما، تلك المعارك التي حاول علي دوما تجنبها وظل يردد أثناء معركة الجمل ” ياليتني متّ قبل هذا اليوم بعشرين سنة”. اختار علي -رضي الله عنه- الخيار الأكثر حسمًا ليضع قاعدة واضحة للخلفاء من بعده بضرورة تغليب الدين والمصلحة العامة على أي مصالح فردية حتى وإن كانت عادلة. كذلك كان للمعارك التي وقعت على مدار خمس سنوات ضرورة في توضيح أنه ليس هناك من هو معصوم من ارتكاب أخطاء حتى وإن كانوا صحابة رسول الله؛ فمنهم من اجتهد فأصاب ومنهم من اجتهد فأخطأ، وإن هذه الأخطاء لا تنقص من قدرهم ولاتضير الإسلام نفسه أبدا، هناك من وعى هذا الدرس وهناك من لايزال إما يقدس عليا أو ينتقده متجاهلا أن ما فعله علي إنما كان عين الصواب وأنه لولا ما حدث لكان المسلمين أسرى قناعة تقديس الحكام والولاة .
.
المصدر
ذكرى سقوط الخلافة
تاريخ اسلامي